فصل: النوع الخامس: ما يحتاج إلى وصفه من نفائس الأحجار:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا (نسخة منقحة)



.النوع الخامس: ما يحتاج إلى وصفه من نفائس الأحجار:

ويحتاج الكاتب إليه من وجهين: أحدهما من حيث مخالطة الملوك، فلا بد أن يكون عارفاً بصفات الجواهر وأثمانها والنفيس منها وخواصها، لأنه ربما جرى ذكر شيء من ذلك بحضرة ملكه، فتكون مشاركته فيه زيادة في رفعة محله، وعلو مقداره، وهذا هو الذي عول عليه صاحب مواد البيان في احتياج هات ابن المعتز ووصفه للجواهر كيف تقع في نهاية الحسن وغاية الكمال لمعرفته بالمشاهدة فهو يقول عن علم، ويتكلم عن معرفة وليس الخبر كالمعاينة وقد اعتنى الناس بالتصنيف في الأحجار في القديم والحديث.
فممن صنف فيه في القديم من حكماء الفلاسفة: أرسطو طاليس؛ وبلينوس، وياقوس الأنطاكي.
وممن صنف فيه من الإسلاميين: أحمد بن أبى خالد المعروف بابن الجزار، ويعقوب بن إسحاق الكندي وغيرهما، وأحسن مصنف فيه مصنف أبي العباس أحمد بن يوسف التيفاشي.
والذي يتعلق الغرض منه بذلك اثنا عشر صنفاً:
الصنف الأول: اللؤلؤ:
وهو يتكون في باطن الصدف، وهو حيوان من حيوان البحر الملح له جلد عظمي كالحلزون، ويغوص عليه الغواصون فيستخرجونه من قعر البحر، ويصعدون به فيستخرجونه منه. وله مغاصات كثيرة، إلا أن مظان النفيس منه بسر نديب من الهند، وبكيش، وعمان، والبحرين من أرض فارس، وأفخره لؤلؤ جزيرة خارك، بين كيش والبحرين.
أما ما يوجد منه ببحر القلزم وسائر بحار الحجاز فرديء ولو كانت الدرة منه في نهاية الكبر؛ لأنه لا يكون لها طائل ثمن. وجيد اللؤلؤ في الجملة هو الشفاف الشديد البياض، الكبير الجرم، الكثير الوزن، المستدير الشكل، الذي لا تضريس فيه، ولا تفرطح، ولا أعوجاج. ومن عيوبه أن يكون في الحبة تفرطح، أو اعوجاج، أو يلصق بها قشر أو دودة، أو تكون مجوفة غير مصمته، أو يكون ثقبها متسعاً.
ثم من مصطلح الجوهريين أنه إذا اجتمع في الدرة أوصاف الجودة، فما زاد على وزن درهمين ولو حبة يسمى دراً؛ فإن نقصت عن الدرهمين ولو حبة سميت حبة لؤلؤ؛ وإذا كانت زنتها أكثر من درهمين وفيها عيب من العيوب فإنها تسمى حبة أيضاً؛ ولا عبرة بوزنها مع عدم اجتماع أوصاف الجودة فيها. وتسمى الحبة المستديرة الشكل عند الجوهريين الفأرة، وفي عرف العامة: المدحرجة. ومن طبع الجوهر أنه يتكون قشوراً رقاقاً طبقة على طبقة حتى لو لم يكن كذلك فليس على أصل الخلقة بل مصنوع.
ومن خواصه أنه إذا سحق وسقي مع سمن البقر نفع من السموم.
وقال أرسطو طاليس: من وقف على حل اللؤلؤ من كباره وصغاره حتى يصير ماء رجراجاً ثم طلى به البرص أذهبه. وقيمة الدرة التي زنتها درهمان وحبة مثلاُ أو وحبتان، مع اجتماع شرائط الجودة فيها، سبعمائة دينار؛ فإن كان اثنتان على هذه الصفة كانت قيمتهما ألفي دينارن كل واحدة ألف دينار لا تفاقهما في النظم؛ والتي زنتها مثقال وهي بصفة الجودة قيمتها ثلثمائة دينار، فإن كان اثنتان زنتهما مثقال وهما بهذه الصفة على شكل واحد لا تفريق بينهما في الشكل والصورة، كانت قيمتهما أكثر من سبعمائة دينار.
وقد ذكر ابن الطوير في تاريخ الدولة الفاطمية: أنه كان عند خلفائهم درة تسمى اليتيمة زنتها سبعة دراهم تجعل على جبهة الخليفة بين عينيه عند ركوبه في المواكب العظام على ما سيأتي ذكره في الكلام على ترتيب دولتهم في المسالك والممالك إن شاء الله تعالى.
ويضره جميع الأدها، والحموضات بأسرها لا سيما الليمون، ووهج النار، والعرق، وذفر الرائحة، والاحتكاك بالأشياء الخشنة؛ ويجلوه ماء حماض الأترج، إلا أنه إذا أثج عليه به قشره ونقص وزنه، فإن كانت صفرته من أصل تكونه في البحر فلا سبيل إلى جلائها.
الصنف الثاني: الياقوت:
قال بلينوس: وهو حجر ذهبي، وهو حصى يتكون بجزيرة خلف سرنديب من بلاد الهند بنحو أربعين فرسخاً، دورها نحو ستين فرسخاً في مثلها، وفيها جبل عظيم يقال له جبل الراهوان، تحدر منه الرياح والسيول الياقوت فيلتقط، والياقوت حصباؤه؛ وهو الجبل الذي أهبط الله تعالى عليه آدم عليه السلام فإذا لم تحدر السيول منه شيئاً عمد أهل ذلك الموضع إلى حيوان فذبحوه وسلخوا جلده وقطعوه قطعاً كباراً وتركوه في سفح ذلك الجبل فيختطفه نسور تأوي إلى ذلك الجبل فتصعد باللحم إلى أعلاه فيلصق بها الياقوت، ثم تأخذه النسور وتنزل به إلى أسفل فيسقط منه ما علق به من الياقوت؛ فإذا أخذ كان لونه مظلماً ثم يشف بملاقاة الشمس ويظهر لونه على أي لون كان.
ثم هو على أربعة أضرب:
الضرب الأول الأحمر:
ومنه البهرمان؛ ولنه كلون العصفر الشديد الحمرة الناصع في القوة الذي لا يشوب حمرته شائبة؛ ويسمى: الرماني لمشابهته حب الرمان الرائق الحب؛ وهو أعلى أصناف الياقوت وأفضلها وأغلاها ثمناً.
ومنه: الخيري؛ وهو شبيه بلون الخيري؛ وهو المنثور؛ ويتفاضل في قوة الصبغ وضعفه حتى يقرب من البياض.
ومنه الوردي: وهوكلون الورد يتفاضل في شدة الصبغ وضعفه حتى يقرب من البياض.
وأردأ ألوانه الوردي الذي يضرب إلى البياض، والسماقي الذي يضرب إلى السواد.
الضرب الثاني الأصفر:
وأعلاه الجلناري؛ وهو أشده صفرة، وأكثره شعاعاً وماء وأقواها شعاعاً؛ ومنه الذكر؛ وهو أثقل من المهاني وأقل شعاعاً وأصلب حجراً؛ وهو أدون أصناف الياقوت وأقلها ثمناً. وأجود الياقوت الأحمر البهرماني والرماني والوردي النير المشرق اللون الشفاف الذي لا ينفذه البصر بسرعة. وعيوبه الشعرة؛ وهي شبه تشقيق يرى فيه، والسوس؛ وهو خروق توجد فيه باطنة ويعلوها شيء من ترابية المعدن.
ومن أرادأ صفاته قبح الشكل.
ومن خواص الياقوت: أنه يقطع كل الحجارة كما يقطعها الماس؛ وليس يقطعه هو على أي لون كان غير الماس.
ومن خواصه أيضاً: أنه لا ينحك على خشب العشر الذي تجلى به جميع الأحجار؛ بل طريق جلائه أن يكسر الجزع اليماني ويحرق حتى يصير كالنورة ثم يسحق بالماء حتى يصير كأنه الغراء ثم يحك على وجه صفيحة من نحاس حجر الياقوت، فينجلي ويصير من أشد الجواهر صقالة.
ومن خواصه: أنه ليس لشيء من الأحجار المشفة شعاع مثله، وأنه أثقل ن سائر الأحجار المساوية له في المقدار، وأنه يصبر على النار فلا يتكلس بها كما يتكلس غيره من الحجرة النفيسة؛ وإذا خرج من النار برد بسرعة حتى إن الإنسان يضعه في فيه عقب إخراجه من النار فلا يتأثر به؛ إلا أن لون غير الأحمر منه كالصفر وغيرها يتحول إلى البياض؛ أما الحمرة فإنها تقوى بالنار، بل إذا كان في الفص نكتة حمراء، فإنها تتسع بالنار وتنبسط في الحجر بخلاف النكتة السوداء فيه، فإنها تنقص بالنار، فما ذهبت حمرته بالنار فليس بياقوت، بل ياقوت أبيض مصبوغ أو حجر يشبه الياقوت.
ومن منافعه ما ذكره أرسطاطاليس: أن التختم به يمنه صاحبه أن يصيبه الطاعون إذا ظهر في بلد هو فيه، وأنه يعظم لا بسه في عيون الناس، ويسهل عليه قضاء الحوائج، وتتيسر له أسباب المعاش، ويقوي قلبه ويشجعه، وأن الصاعقة لا تقع على من تختم به. وإذا وضع تحت اللسان، قطع العطش، ويقوي قلبه ويشجعه، وأن الصاعقة لا تقع على من تختم به. وإذا وضع تحت اللسان، قطع العطش. وامتحانه أن يحك به ما يشبهه من الأحجار، فإنه يجرحها بأسرها ولا تؤثر هي فيه.
قال التيفاشي: وقيمة الأحمر الخالص على ما جرى عليه العرف بمصر والعراق أن الحجر إذا كان زنته نصف درهم كانت قيمته ستة مثاقيل من الذهب الخالص؛ والحجر الذي زنته درهم قيمته ستة عشر ديناراً؛ والحجر الذي زنته مثقال قيمته بدينارين القيراط؛ والحجر الذي زنته مثقال وثلث قيمته ثلاثة دنانير القيراط إلى ثلاثة ونصف؛ ويزيد ذلك بحسب زيادة لونه ومائيته وكبر جرمه، حتى ربما بلغ ما زنته مثقال من جيده مائة مثقال من الذهب إذا كان بهرماناً نهاية في الصبغ والماءة والشعاع، قد نقص منه بالحك كثير من جرمه؛ وقيمة الأصفر منه زنة كل درهم بدينارين؛ وقيمة الأزرق والماهاني كل درهم بأربعة دنانير؛ وقيمة الأبيض على النصف من الأصفر. ويختلف ذلك بالزيادة والنقص في الصبغ والمائية مع القرب من المعدن والبعد عنه.
وقد ذكر ابن الطوير في ترتيب مملكة الفاطميين: أنه كان عندهم حجر ياقوت أحمر في صورة هلال زنته أحد عشر مثقالاً لا يعرف بالحافر، يجعل على جبين الخليفة بين عينيه مع الدرة المتقدمة الذكر عند ركوبه.
الصنف الثالث: البلخش:
قال في مسالك الأبصار: ويسمى اللعل.
قال بلينوس: وانعقاده في الأصل ليكون ياقوتاً إلا أنه أبعده عن الياقوتية علل من اليبس والرطوبة وغيرهما، وكذلك سائر الأحجار الحمر. ومعدن البلخش الذي يتكون فيه بنواحي بلخشان. والعجم تقول: بذخشان بذال معجمة وهي من بلاد الترك تتاخم الصين.
قال التيفاشي: وأخبرني من رأى معدنه من التجار أنه وجد منه في المعدن حجراً وفي باطنه ما لم يكمل طبخه وانعقاده بعد، والحجر مجتمع عليه؛ وهو على ثلاثة أضرب: أحمر معقرب، وأخضر زبر جدي، وأصفر؛ والأحمر أجوده.
قال التيفاشي: وليس لجميعه شيء من خواص الياقوت ومنافعه؛ وإنما فضيلته تشبهه به في الصبغ والمائية والشعاع لا غير. قال: وقيمته في الجملة غالباً على النصف من قيمة الياقوت الجيد.
قال في مسالك الأبصار: وهو لا يؤخذ من معدنه إلا بتعب كثير وإنفاق زائد، وقد لا يوجد بعد التعب والإنفاق، ولهذا عز وجوده، وغلت قيمته، وكثر طالبه، والتفتت الأعناق إلى التحلي به. قال: وأنفس قطعه وصلت إلى بلادنا من البلخش قطعه وصلت مع تاجر في أيام العادل كتبغا وأحضرت إليه وهو بدمشق، وكانت قطعه جليلةً مثلثة على هيئة المشط العودي، وهي في نهاية الحسن وغاية الجودة، زنتها خمسون درهماً، كاد المجلس يضيء منها، فأحضر الصاحب نجم الدين الحنفي الجوهري وسأله عن قيمتها، فقال له نجم الدين الجوهري: إنمايعرف قيمتها من رأى مثلها، وأنا وأنت والسلطان ومن حضر لم نر مثلها فكيف نعرف قيمتها؟ فأعجب بكلامه، وصالح عليها صاحبها.
الصنف الرابع: عين الهر:
قال التيفاشي: وهو في معنى الياقوت إلا أن الأعراض المقتصرة به أقعدته عن الياقوتية، ولذلك إنما يوجد في معدن الياقوت المتقدم ذكره، وتخرجه الرياح والسيول كما تخرج الياقوت على ما تقدم، قال: ولم أجده في كتب الأحجار، وكأنه محدث الظهور بأيدي الناس، والغالب على لونه البياض بإشراف عظيم ومائية رقيقة شفافة، إلا أنه ترى في باطنه نكتة على قدر ناظر الهر الحامل للنور المتحرك في فص مقلته، وعلى لونه على السواد وإذا تحرك الفص إلى جهة، تحركت تلك النكتة بخلاف جهته؛ فإن مال إلى جهة اليمين، مالت النكتة إلى جهة اليسار وبالعكس، وكذلك الأعلى والأسف؛ وإن كسر الحجر أو قطع على أقل جزء، ظهرت تلك النكتة في كل جزء من أجزائه، ولذلك يسمى: عين الهر.
وأجوده ما اشتد بياض أبيضه وشفيف وكثرت مائية النكتة التي فيه مع سرعة حركتها وظهرو نورها وإشراقها؛ ولا يخفى أن حسن الشكل وكير الجرم يزيدان في قيمته كسائر الأحجار.
قال التيفاشي: والمشهور من منافعه عند الجمعور أنه يحفظ حامله من أعين السوء. ونقل عن بعض ثقات الجوهريين: أنه يجمع سائر الخواص التي في الياقوت البهرماني في منافعه، ويزيد عليه بألا ينقص مال حامله ولا تعتبريه الآفات، وأنه إذا كان في يد رجل وحضر مصاف حرب وهزم حزبه فألقى نفسه بين القتلى رى كل من يمر به من أعدائه كأنه مقتول متشحط في دمه، وأن ثمنه بالهند مع قرب معدنه أغلى من ثمنه ببلاد المغرب بكثير، لعلمهم بخواصه؛ وقيمته تختلف بحسب الرغبة فيه؛ وإذا وقع ببلاد المغرب بيع المثقال منه بخمسة دنانير، ويزيد على ذلك بحسب الغرض.
وذكر التيفاشي عن بعض التجار أن حجراً منه بيع في المعبر من بلاد الهند بمائة وخمسين ديناراً، وأنه بيع منه حجر ببلاد الفرس بسبعمائة دينار.
الصنف الخامس: الماس:
قال بلينوس في كتاب الأحجار: وابتدأ في معدنه لينعقد ذهباً، فأبعدته العوارض عن ذلك؛ وهو يتكون في معدن الياقوت المقدم ذكره، وتخرجه الرياح والسيول من معدنه كما تخرج الياقوت؛ وهو ضربان: أحدهما أبيض شديد البياض يشبه البلور يسمى البلوري لذلك؛ والثاني يخالط بياضه صفرة فيصير كلون الزجاج الفرعوني، ويعبر عنه: بالزيتي.
قال الكندي: والذي عاينته من هذا الحجر ما بين الخردلة إلى الجوزة ولم أر أعظم من ذلك.
ومن خواصه: أنه بقطع كل حجر يمر عليه؛ وإذا وضع على سندال حديد ودق بالمطرقة لم ينكسر، وغاص في وجه السندال والمطرقة وكسرهما، ولا يلتصق بشيء من الأجساد إلا هشم؛ ويمحو النقوش التي في الأحجار كلها؛ وإنما يكسر بأحد طريقين: أحدهما أن يجعل داخل شيء من الشمع ويدخل في أنبوب قصب وينقر بمطرقة أو غيرهما أن يجعل داخل شيء من الشمع ويدخل في أنبوب قصب وينقر بمطرقة أو غيرها برفق بحيث لا يباشر جسمه الحدي، فينكسر حينئذ؛ أو يجعل في أسرب وهو الرصاص ويفعل به ذلك فيكسر أيضاً.
ومن خواصه: أن الذباب يشتهي أكله فما سقطت منه قطعة صغيرة إلا سقط عليها الذباب وابتلعها أو طار بها؛ ومتى ابتلع منه الإنسان قطعه، ولو أصغر ما يكون حرقت أمعاءه وقتلته على الفور.
قال أرسطو طاليس: وبينه وبين الذهب محبة يتشبث به حيث كان.
ومن خاصته: أن كل قطعة تؤخذ منه تكون ذات زوايا قائمة الرأس ست زوايا وثمان زوايا وأكثر، وأقله: ثلاث زوايا، وإذا كسر لا ينكسر إلا مثلثاًن وبه يثقب الدر والياقوت والزمرد وغيرها من جميع ما لا يعمل فيه الحديد من الأحجار كما يثقب الحديد الخشب، بأن يركب في رأس مقار حديد منه قطعة بقدر ما يراد من سعة الثقب وضيقه ثم يثقب به، فيثقب بسرعة.
ومن منفعته فيما ذكره أرسطو طاليس: أن من كأنبه الحصاة الحادثة في المثانة في مجرى البول إذا أخذ حبة من هذا الحجر وألصقها في مرود نحاس بمصطكى إلصاقاً محكماً ثم أدخل المرود إلى الحصاة فإنها تثقبها.
قال أحمد بن أبي خالد: وبذلك عالجت وصيفاً الخادم حصاة أصابته وامتنع من الشق عليها بالحديد.
وقال ابن بوسطر: وإذا علق على البطن من الخارج نفع من المغس الشديد، ومن فساد المعدة. وقيمته الوسطى فيما ذكره التيفاشي أن زنة قيراط منه بدينارين. ونقل عن الكندي: أن إغلى ما شاهد منه ببغداد المثقال بثمانين ديناراً، وأرخص ما شاهد منه ببغداد أيضاً المثقال بخسمة عشر ديناراً؛ وأنه إذا بدرت منه قطعة كبيرة تصلح لفص قدر نصف مثقال يضاعف ثمنها على ما هو قدر الخردلة أو الفلفلة ثلاثة أضعاف وأربعة وخسمة.
الصنف السادس: الزمرد:
يقال بالذال المعجمة والمهملة؛ قال بلينوس: والزمرد ابتدأ لينعقد ياقوتاً، وكان لونه أحمر إلا أنه لشدة تكاثف الحمرة بعضها على بعض عرض له السواد، وامتزجت الحمرة والسواد فصار لونه أخضر. ومعدنه الذي يتكون فيه في التخوم بين بلاد مصر والسودان خلف أسوان من بلاد الديار المصرية، يوجد في جبل هناك ممتد كالجسر فيه معادن.
قال في مسالك الأبصار: وبينه وبين قوص ثمانية أيام بالسير المعتدل، ولا عمارة عنده ولا حوله ولا قريباً منه، والماء عنده على مسيرة نصف يوم أو أكثر في موضع يعرف بغدير أعين. فمنه ما يوجد قطعاً صغاراً كالحصى منبثة في تراب المعدن وهي الفصوص، وربما أصيب العرق منه متصلاً فيقطع وهو القصب، وهو أجوده.
قال في مسالك الأبصار: وتلك العروق منبثة في حجر أبيض تستخرج منه بقطع الحجر. قال التيفاشي: ويوجد على بعضه تربة كالكحل الشديد السواد، وهو أشده خضرة وأكثره ماء. وقد ذكر المؤيد صاحب حماه في تاريخه: إن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله لما استولى على قصر الفاطميين بعد موت العاضد، وجد فيه قصبة من زمرد طولها أربعة أذرع أو نحوها. وهو على ثلاثة أضرب: الأول الذبابي وهو شديد الخضرة، لا يشوب خضرته شيء آخر من الألوان من صفرة ولا سواد ولا غيرهما، حسن الصبغ، جيد المائية، شديد الشعاع، ويسمى: ذبابياً، لمشابهة لونه في الخضرة لون كبار الذباب الأخضر الربيعي؛ وهو من أحسن الألوان خضرة وبصيصاً.
قال في مسالك الأبصار: وهو أقل من القليل بل لا يكاد يوجد.
الثاني الريحاني وهو مفتوح اللون، شبيه بلون ورق الريحان.
الثالث السلقي وخضرته أشبه شيء بلون السلق.
الرابع الصأبوني ولونه كلون الصأبون الأخضر.
قال في مسالك الأبصار: وإذا استخرج الزمرد من المعدن جعل في زيت الكتان ثم لف في قطن وصر في خرقة كتان ونحوها؛ ولم يزل العمل في هذا المعدن إلى أثناء الدولة الناصرية محمد بن قلاون فترك لكثرة كلفته.
وأفضل أنواعه وأشرفها: الذبابي، ويزداد حسنه بكبر الجرم واستواء القصبة، وعدم الاعوجاج فيها. ومنعيوب الذبابي: اختلاف الصبغ بحيث يكون موضع منه مخالفاً للموضع الآخر، وعدم الاستواء في الشكل، والتشعير، وهو شبه شقوق خفية إلا أنه لا يكاد يخلو منه، والرخاوة، وخفة الوزن، وشدة الملاسة والصقال والنعومة، وزيادة الخضرة والمائية إذا ركب على البطانة، وهو ينحل بالنار ويتكلس فيها ولا يثبت ثبات الياقوت.
ومن خاصية الذبابي التي امتاز بها عن سائر الأحجار: أن الأفاعي إذا نظرت إليه ووقع بصرها عليه انفقأت عيونها؛ قال التيفاشي: وقد جربت ذلك في قطعة زمرد ذبابي خالص فحصلت أفعى وجعلتها في طشتٍ وألصقته بشمع في رأس سهم وقربته من عينها فسمعت قعقعة خفية كما في قتل صؤابةٍ، فنظرت إلى عينيها فإذا هما قدر برزتا على وجهها وضعفت حركتها؛ وبهذه الخاصة يمتحن الزمرد الخالص من غيره كما يمتحن الياقوت بالصبر على النار.
ومن منافعه: أن من أدمن نظره أذهب عن بصره الكلال؛ ومن تختم به دفع عنه داء الصرع إذا كان قد لبسه قبل ذلك؛ ومن أجل ذلك كانت الملوك تعلقه على أولادها؛ وإذا كان في موضع لم تقربه ذوات السموم؛ وإذا سحل منه وزن ثمان شعيرات وسقيته شارب السم قبل أن يعمل السم فيهن خلصته منه؛ وإذا تختم به نفث الدم أو إسهاله منع من ذلك؛ وإذا علق على المعدة من خارج نفع من وجعها؛ وشرب حكاكته ينفع من الجذام.
وقيمة الذبابي الخالص في الحجر الذي زنته درهم: أربعة دنانير القيراط، ويتضاعف بحسب كبره، وينقص بحسب صغره؛ إلا أنه لا ينقص بالصغر نقص غيره من الأحجار، لوجود خاصيته في الكبير والصغير والمعوج والمستقيم. أما بقية أضناف الزمرد فإنه لا يعتد بها لعدم المنافع الموجودة في الذبابي.
الصنف السابع: الزبرج:
وهو حجر أخضر يتكون في معدن الزمرد؛ ولذلك بظنه كثير من الناس نوعاً منه إلا أنه أقل وجوداً من الزمرد.
قال التيفاشي: أما في هذا الزمان فإنه لا يوجد في المعدن أصلاً، وإنما الموجود منه بأيدي الناس فصوص تستخرج بالنبش من الآثار القديمة بالإسكندرية؛ وذكر أنه رأى منه فصاً في يد رجل أخبره أنه استخرجه من هنالك، زنته درهم، لا يكاد البصر يقلع عنه لرقة مائه وحسن صفائه.
وأجوده: الأخضر المعتدل الخضرة، الحسن المائية، الرقيق المستشف، الذي ينفذه البصر بسرعة، ودونه الأخضر المفتوح اللون؛ وليس فيه شيء من خواص الزمرد إلا أن إدمان النظر إليه يجلو البصر. وقيمة خالصه نصف درهم بدينار.
الصنف الثامن: الفيروذج:
وهو حجر نحاسي يتكون في معادن النحاس من الأبخرة الصاعدة منها، إلا أنه لا يوجد في جميع معادن النحاس، ومعدنه الذي يوجد فيه بنيسأبور، ومنه يجلب إلى سائر البلدان، ومنه نوع آخر يوجد في نشاور إلا أن النيسأبوري خير منه.
وهو ضربان: بسحاقي وخلنجي؛ والخالص منه العتيق هو البسحاقي.
وأجوده: الأزرق الصافي اللون، المشرق الصفاء، الشديد الصقالة، المستوي الصبغ؛ وأكثر ما يكون فصوصاً؛ وذكر الكندي أنه رأى منه حجراً زنته أوقية ونصف.
ومن خاصته: أنه يضفو بصفاء الجو ويكدر بكدرته؛ وإذا مسه الدهن أذهب حسنه وغير لونه؛ والعرق يطفئ لونه، والمسك إذا باشره أفسده وأذهب حسنه؛ وإذا وضع الفص الجيد منه إلى جانب ما هو دونه في الجودة أذهب بهجته؛ وإذا وضع إلى جانب الدهنج غلب الدهنج على لونه فأذهب بهجته، ولو كان الفص الفيروزج في غاية الحسن والجودة.
ومن منافعه: أنه يجلو البصر بالنظر إليه؛ وإذا سحق وشرب نفع من لدغ العقارب. وقيمته تختلف باختلاف الجودة اختلافاً كثيراً، فربما كان الفصان منه زنتهما واحدة وثمن أحدهما دينار وثمن الآخر درهم.
وبالجملة: فالخلنجي الجيد على النصف من البسحاقي الجيد.
قال التيفاشي: وأهل المغرب أكثر الناس له طلباً وأشدهم في ثمنه مغالاة، وربما بلغوا بالفص منه عشرة دنانير مغربية، ويحرصون على التختم به، وربما زعموا أنه يدخل في أعمال الكيمياء.
الصنف التاسع: الدهنج:
وقد ذكر أرسطو طاليس: أنه أيضاً حجر نحاسي يتكون في معادن النحاس يرتفع من أبخرتها ويتعقد، لكنه لا يوجد في جميع معادن كرمان وسجستان من بلاد فارس. قال: ومنه ما يؤتى به من غار بني سليم من برية المغرب، في مواضع أخرى كثيرة.
وأجود أنواعه أربعة: وهي الإفرندي، والهندي، والكرماني، والكركي؛ وأجوده الجملة الأخضر المشبع الخضرة، الشبيه اللون بالزمرد، معرق بخضرة حسنة، فيه أهلة، وعيون بعضها من بعض حسان، وأن يكون صلباً أملس يقبل الصقالة.
ومن خاصته في نفسه: أنه يفه رخاوة بحيث أنه إذا صنع منه آنية أو نصب للسكاكين ومرت عليه أعداد سنين، ذهب نوره لرخاوته وانحل، ولذلك إذا حك انحك سريعاً، وإذا خرط خرزاً أو أواني أو غير ذلك كان في خرطه سهولة، وإذا نقع في الزيت اشتدت خضرته وحسن، فإن غفل عنه حتى يطول لبثه في الزيت مال إلى السواد.
ومن منافعه: انه إذا مسح به على مواضع لدغ العقرب سكنه بعض السكون، وإذا سحق منه شيء وأذيب بالخل ودلك به موضع القوبة الحادثة من المرة السوداء أذهبها.
ومن عجيب خواصه أنه إذا سقي من سحالته شارب سم نفعه بعض النفع؛ وإن شرب منه من لم يشرب سماً كان سماً مفرطاً ينفط الأمعاء، ويلهب البدن، ويحدث فيه سماً لا يبرأ سريعاً، لا سيما إذا حك بحديدة، ومن أمسكه في فيه مصه أضربه. وقيمته ن الأفريدي الخالص منه كل مثقال بمثقالين من الذهب، ويوجد منه فصوص وغيرها. وقد ذكر يعقوب بن إسحاق الكندي: انه رأى منه صحفة تسع ثلاثين رطلاً.
الصنف العاشر: البلور:
قال بلينوس: وهو حجر بورقي وأصله اليوقوتيه إلا أنه قعدت به أعراض عن بلوغ رتبة الياقوت؛ وقد اختلف أصحابنا الشافعية رحمهم الله في نفاسته على وجهين: أصحهما أنه من الجوهر النفس كالياقوت ونحوه؛ والثاني أنه ليس بنفيس لأن نفاسته في صنعته لا في جوهره.
ويوجد بأماكن، منها برية العرب من أرض الحجاز وهو أجوده، ومنه ما يؤتي به من الصين وهو دونه، ومنه ما يكون ببلاد الفرنجة وهو في غاية الجودة ومنه معادن توجد بأرمينية تميل إلى الصفرة الزجاجية.
وقد ذكر التيفاشي: أنه ظهر في زمنه معدن منه بالقرب من مراكش من المغرب الأقصى إلا أن فيه تشعيراً، وكثر عندهم حتى فرش منه لملك المغرب مجلس كبير، أرضاً وحيطاناً، ونقل عن بعض التجار: أن بالقرب من غزنة من بلاد الهند على مسيرة ثلاثة عشر يوماً منها بينها وبين كاشغر جبلين من بلور خالص مطلين على وادٍ بينهما، وأنه يقطع في الليل لتأثير شعاعه إذا طلعت عليه الشمس بالنهار في الأعين.
وأجوده: أصفاه وأنقاه واشفه وأبيضه وأسلمه من التشعير؛ فإن كان مع ذلك كبير الجرم آنية أو غيرها كان غاية في نوعه.
وقد ذكر الكندي: أن في البلور قطعاً تخرج كل قطعة منه من المعدن أكبر من مائة من. ونقل التيفاشي: أنه كان بقصر شهاب الدين الغوري صاحب غزة أربع خواب للماء كل خابية تسع ثلاث روايا ماء على محامل من بلور، كل محمل ما بين ثلاثة قناطير إلى أربعة؛ وذكر أيضاً أنه رأى منه صورة ديك مخروط من صنعة الفرنج إذا صب فيه الشراب ظهر لونه في أظفار الديك.
ومن خاصته: ما ذكره أوفرسطس الحكيم أنه يذوب بالنار كما يذوب الزجاج، ويقبل الصبغ.
ومن خاصته أيضاً: أنه إذا استقبل به الشمس ووجه موضع الشعاع الذي يخرج منه إلى خرقة سوداء احترقت وظهر فيها النار.
ومن منافعه: أن من تختم به أو علقه عليه لم ير منام سوء. وقيمته تختلف بحسب كبر آنيته وصغرها وإحكام صنعتها.
قال التيفاشي: وبالجملة فالقطعة التي تحمل منه رطلاً إذا كانت شديدة الصفاء سالمة من التشعير، تساوي عشرة دنانير مصرية.
الصنف الحادي عشر: المرجان:
وهو حجر أحمر في صورة الأحجار المتشعبة الأغصان،؛ ومعدنه الذي يتكون فيه بموضع من بحر القلزم بساحل إفريقية، يعرف بمرسى الخرز، ينبت بقاعه كما ينبت النبات، وتعمل له شباك قوية مثقلة بالرصاص، وتدار عليه حتى يلتف فيها، ويجذب جذباً عنيفاً فيطلع فيها المرجان. وربما وجد ببعض بلاد الفرنجة إلا أن الأكبر والأكثر والأحسن بمرسى الخرز؛ ومنه يجلب إلى بلاد المشرق.
ولأهل الهند فيه رغبة عظيمة؛ وذا استخرج حك على مسن الماء؛ ويجليى بالسنباذج المعجون بالماء على رخامة فيظهر لونه ويحسن؛ ويثقب بالفورذ أو الحديد السمقى.
وأجوده ما عظم جرمه، واستوت قصباته، واشتدت حمرته، وسلم من التسويس وهو خروق توجد في باطنه حتى ربما كان منه شيء خاوٍ كالعظم واردؤه: ما مال منه إلى البياض أو كثرت عقده وكان فيه تشطيب، ولا سبيل إلى سلامته من العقد الوجود التشعب فيه؛ فإن اتفق أن تقع منه قطعة مصمتة مستوية لا عقد فيا ولا تشطيب كانت في نهاية الجودة.
وقد يوجد منه قطع كبار فتحمل إلى صاحب إفريقية فيعمل له منها دوي وأنصبة سكاكين.
قال التيفاشي: رأيت منها محبرة طول شبر ونصف، في عرض ثلاث أصابع، وارتفاع مثلها بغطائها، في غاية الحمرة وصفاء اللون. وقد ذكر ابن الطوير في تاريخ الدولة الفاطمية بالديار المصرية وترتيبها: أنه كان لخلفاء الفاطميين دواة من المرجان تحمل مع الخليفة إذا ركب في المواكب العظام أمام راكب على فرس، كما سيأتي ذكره في الكلام على المسالك والممالك في المقالة الثانية فيما بعد إن شاء الله تعالى.
ومن خاصته في نفسه: أنه إذا ألقى في الخل لان وأبيض، وإن طال مكثه فيه انحل، وإذا تخذ منه خاتم أو غيره ولبس جميعه بالشمع ثم نقش في الشمع بإبرة بحيث ينكشف جرم المرجان وجعل في خل الخمر الحاذق يوماً وليلة أو يومين وليلتين ثم أخرج وأزيل عنه الشمع ظهرت الكتابة فيه حفراً بتأثير الخل فيه، وبقية الخاتم على حاله لم يتغير.
قال التيفاشي: وقد جربنا ذلك مراراً. ومتى ألقي في الدهن ظهرت حمرته وأشرق لونها.
ومن منافعه فيما ذكره الإسكندر: أنه إذا علق على المصروع أو من به النقرس نفعه؛ وإن أحرق واستن به زاد في بياض الأسنان وقلع الحفر منها وقوى اللثة؛ وطريق أحراقه أن يجعل في كوز فخار ويطين رأسه ويوضع في تنور ليلة. وإذا سحق وشربه من به عسر البول نفعه ذلك؛ ويحلل أورام الطحال بشربه؛ وإذا علق على المعدة نفع من جميع عللها كما في الزمرد؛ وإذا أحرق على ما تقدم وشرب منه ثلاثة دوانق مع دانق ونصف صمغ عربي ببياض البيض وشرب بماء بارد نفع من نفث الدم.
قال التيفاشي: وقيمته بإفريقية غشيما الرطل المصري من خمسة دنانير إلى سبعة مغربية، وهي بقدر دينارين إلى ما يقاربهما من الذهب المصري، وبالإسكندرية على ضعفي ذلك وثلاثة أضعافه، ومن الإسكندرية يحمل إلى سائر البلاد؛ ويختلف سعره بحسب قرب البلاد وبعدها، وقلته، وكثرته، وصغره، وجودته، ورداءته، وحسن صنعته.
الصنف الثاني عشر: البادزهر الحيواني:
وهو حجر خفيف هش. وأصل تكونه في الحيوان المعروف بالأيل بتخوم الصين؛ وإن هذا الحيوان هناك يأكل الحيات، قد اعتاد ذلك غذاء له، فيحدث عن ذلك وجود هذا الحجر منه على ما سيأتي بيانه؛ وقد اختلف الناس في أي موضع يكون من هذا الحيوان، فقيل: إنه يتكون في مآقي عينيه من الدموع التي تسقط من عينيه عند أكل الحيات، ويتربى الحجر حتى يكبر فيحتك فيسقط عنه؛ وقيل: يكون في قلبه فيصاد لأجله ويذبح ويستخرج منه؛ وقيل: في مرارته.
قال أرسطاطاليس: وله ألوان كثيرة منها: الأصفر والأغبر المشرب بالحمرة والمشرب بالبياض. وأعظم ما يوجد منه من مثقال إلى ثلاثة مثاقيل.
وأجوده: الخالص الأصفر الخفيف الهش، ويستدل على خلوصه بكونه ذا طبقات رقاق متراكبة كما في اللؤلؤ، وبه نقط خفية سود، وأن يكون أبيض المحك مر المذاق.
قال التيفاشي: وكثيراً ما يغش فتصنع حجارة صغار مطبقة من أشياء مجموعة تشبه شكل البادزهر الحيواني، ولكنها تتميز عن البادزهر الحقيقي بأن المصنوع أغبر كمد اللون ساذج غير منقط؛ والبادزهر الحقيقي الخالص: أصفر أو أغبر بصفرة فيه نقط صغار كالنمش، وطبقاته أرق من طبقات المصنوع بكثير، وهو أحسن من المصنوع وأهش ومحكه أبيض.
ومن خاصته في نفسه: ن احتكاكه بالأجسام الخشنة يخشنه ويغير لونه وسائر صفاته حتى لا يكاد يعرف. وقد ذكر التيفاشي: أنه كان معه حجر منه، فجعله مع ذهب في كيس وسافر به فاحتك بالذهب فتغير لونه ونقص وزنه حتى ظن أنه غير عليه؛ وأنه ربطه بعد ذلك في خرقة وتركه أياماً فعاد في الصفة إلى ما كان، إلا أنه بقي على نقص ما ذهب منه.
ومن منافعه: دفع السموم القاتلة وغير القاتلة، حارة كانت أو باردة، من حيوان كانت أو من نبات، وأنه ينفع من عض الهوام ونهشها ولدغها، وليس في جميع الأحجار ما يقوم مقامه في دفع السموم. قد قيل: إن معنى لفظ بادزهر: النافي للسم؛ فإذا شرب منه المسموم من ثلاث شعيرات إلى اثنتي عشرة شعيرة مسحوقة أو مسحولة أو محكوكة على المبرد بزيت الزيتون أو بالماء أخرج السم من جسده بالعرق، وخلصه من الموت. وإذا سحق وذر على موضع النهشة جذب السم إلى خارج وأبطل فعله.
قال ابن جمع: وإن حك منه على مسن في كل يوم وزن نصف دانق وسقيته الصحيح على طريق الاستعداد والاحتياط قاوم السموم القتالة ولم تخش له غائلة ولا إثارة خلط. ومن تختم منه بوزن اثنتي عشرة شعيرة في فص خاتم ثم وضع ذلك الفص على موضع اللدغة من العقارب وسائر الهوام ذوات السموم نفع منها نفعاً بيناً، وإن وضع على فم الملدوغ أو من سقي سماً نفعه.
قلت: هذه هي الأحجار النفيسة الملوكية التي تلتفت الملوك إليها وتعتني بشأنها، أما غيرها من الأحجار كالبنفش، والعقيق، الجزع، والمغناطيس، اليشم، السبجن واللازورد، وغيرها مما ذكره المصنفون في الأحجار فلا اعتداد به ولا نظر إليه ولذلك أهملت ذكره.